• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التأسيس الفاطمي  .
                          • الكاتب : الشيخ عطشان الماجدي .

التأسيس الفاطمي 

تُطرح بين فترة وأخرى بعض من  الأشكالات والاعتراضات لخلط الأوراق والتشكيك وإشاعة الفوضى المعرفية هدفها أن ينتج الالتباس والفهم الخاطىء بين المؤمنين، وبث المغالطات وهي بالنتيجة عملية تشكيكية، وهذا مادُرج عليه ولاسيما ايام محرم الحرام والمناسبات الفاطمية. منها سؤال أو اشكال مفاده ما هو الدور التأسيسي الذي قامت به الزهراء عليها السلام على مختلف المستويات ومنها النظري والعملي؟ ودليله ، بما أنها توفيت بعمر الشباب ولم تكن مؤهلة لخوض غمار الحياة فلا تستحق كل هذه الشأنية  وهذا يدعو للقول بأنها لم تتمكن من تأسيس أي شيء يذكر .
 وجوابه يتطلب تسليط الضوء على الادوات ولاسيما المعرفية منها و المتبعة في الحركة الفاطمية من أجل الوصول للغاية، نرى أن ما قدمته يفوق التصور ولكن أبناء الامة لم ينتفعوا من هذا الارث العظيم، فقد أرست ورسمت خارطة طريق واضحة المعالم بينة الرؤى على مختلف الأصعدة، ونحن على ثقة تامة بأن فيوضات أهل البيت عليهم السلام تشمل جميع حلقات المجتمع الإنساني وفق رؤية شرعية شاملة ومستقاة من اللطف الإلهي. أيها المستشكل: قد ضاعت عليك أشياء وأشياء، فرغم صغر العمر الشريف ونزول النائبة الكبرى والمصيبة العظمى وقلة الناصر وتكالب الاعداء وتكاتفهم، وخذلان الصاحب، إلاّ أن ما جاءت به الزهراء عليها السلام من حركة مناهضة للانقلابين العسكري والمدني، هدّت به اركان الحكومة وفضحت المؤامرة. نعم الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام  كانت لهم تلك الأدوار التأسيسية المهمة كلا حسب المكان والزمان وأحوال البلاد والعباد و ما يتطلبه الدور والمسؤولية  و.... 
أما سيدتنا فاطمة عليها السلام فقد تفردت وجاءت بمنهجية لم تعرف آنذاك، ولذا كان لها الدور التأسيسي والريادي في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والعقائدية والذي يمكن أن يتمثل بالآتي:
١. أسست عليها السلام الى مسألة مهمة في العمل السياسي والاجتماعي والثقافي والمعرفي وهي: ظاهرة التظاهر السلمي على السلطة الغاصبة، وهي الخطوة الأساسية الاولى في تعريف المظلومية وإيصال الصوت وبشكل هاديء إلى الجميع، هذه الحركة الارتدادية ( ان صح التعبير ) كانت لوحدها كافية للقضاء على التمرد القائم، وتعد منهجا وطريقة للتعامل مع الأزمات المختلفة، ويمكنها أن تجد الحلول المناسبة وتحتوي المشاكل، مضافا إلى الاعتراض السلمي خروجها في لمة من حفدتها ونساء قومها وبالهيأة التي كانت عليها من الحشمة والسكينة والوقار فكان من نتائج سلوك وانتهاج هذا الأسلوب الراقي والأمثل والمميز في خضم الأحداث والتطورات وهيجان الانقلابيين كسب تأييد الرأي العام بالمطالبة بالحقوق وهذه الكيفية أجبرت من تغطرس وتكبر ومن أصيب بالشلل النفسي التام من التعاطف وهو ما لم يعرف سابقا ولتتفجر عيون وعيون وتجهش أنفس بالبكاء لأجل انة.
٢. فضح الحكام الظلمة بالطرق الاحتجاجية من الاعتراض وعدم الاعتراف بالحكومة، وبيان الحجج والبراهين الشرعية والدعوة للوقوف مع الحاكم الشرعي الإلهي وكشف الانحراف السلطوي، لتصل إلى المرحلة النهائية وهي الاعتصام  والمقاطعة.
٣. كشف زيف ادعاءات الحكومة اللاشرعية، وفضح ادواتها التعسفية ولم تأل جهدا في التبليغ وفي هذه المرحلة كان تبليغها للنساء، فقد أسست عليها السلام لمعارضة فكرية سياسية وعقائدية بوجه الطغاة، وجعلت من هذا الاحتجاج عملية شجب وإدانة للسلطة الغاصبة لاسترداد الحقوق المسلوبة، وأسست إلى الدفاع عن الحق رغم الآلام الشديدة والمحن والأحزان، ليكشف عن قوة الشخصية والإرادة والمبدئية جاءت بعملية تصدي عميقة لها من الدلالات والجاذبية للآخرين مما تسبب في إصابة النظام بالارباك والتخبط.
 ٤. مما لا يغيب عن المتفطن أنها عليها السلام ابدعت في عملية الحوار والنقاش فقد أسست لأسلوب المطالبة بالحقوق مع أعلى الهرم السلطوي مع رباطة جأش لاينالها الرجال الأقوياء ، وبيان ذلك من المطولات والمناسب هنا الاختصار والإشارة فبعد المقدمة عرفت بنفسها لهم وبينت موقعها ومكانتها لتجذب الأفئدة قبل الأنظار فأخرست الاصوات وانقطعت الأنفاس انتظارا لما هو آت. وبأسلوب حواري رشيق تمكنت من ضبط الأنفاس بقدرة هائلة على إلجام الخصوم بطرح عدد من الأسئلة والاستفهامات، والاستفسارات، إن الأسلوب الهادئ ودون ضجيج ترك السامع متحيرا لا يحري جوابا. لتتصاعد وتيرة الخطاب فقد تحولت إلى مرتبة التوبيخ والتقريع، لترك القوم ما أمروا به، وقعدوا عن نصرة المظلوم. ومن ثمّ اضافت عليها السلام الادلة الاقناعية وضرب الأمثلة القرآنية ليبقى السامع عاجزا أمام القبضة الفاطمية الحديدية فقد أصبح متهما والقاضي أحكم قبضته عليه ،
وقد بان للجميع تحيره وهو يجيب على ما تريده، لتأتي مرحلة التسلط على العقول والقلوب فتقرع الأسماع بآيات التخويف والتهويل، وما ان انتبه السامع من صدمته ليجد تغير المواقف واضحة من أنصاره بعدما قامت عليها السلام بتأجيج الأوضاع 
ليقر بهزيمته. فما أقدمت عليه سلام الله عليها يعد تأسيساً لدولة تؤمن بحرية التعبير والتظاهر السلمي والوقوف في وجه الظالمين تحت ظل الشرع المقدس.
٥. وصيتها عليها السلام بدفنها سراً، هذا لوحده ينبؤ بمشروع قانون جديد  ونظام مبتكر يعلن فيه الغضب وعدم الرضا من الذين ظلموها، كي يسأل المسلم عن قبر ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحينما لايجد جوابا ما عليه إلاّ البحث والتنقيب والتحري عن الأسباب، وخفاء القبر الشريف له من الدلالات الكثيرة والتحديات الخطيرة ليبقى شاهداً للمظلومية على مر العصور وليفتك بالجبارين وعنواناً للثائرين وللمطالبين بالحقوق.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=176047
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 12 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28