صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

اللهم اني أسألك بما سألك أخي موسى؟ فماذا سأل موسى من ربه؟
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

لا يوجد لدى الرب أعمال ناقصة أو انصاف حلول ، كل مقاصد الرب تامة كاملة تصدر عن حكمة وتدبر وجميع غاياتها تصب في صالح البشر ولكن البشر يتمردون على وصايا الرب وينقلبوا على اعقابهم في عملية ارتداد تكمن ورائها مصالح واهداف دنيوية تعميهم عن اجر الملكوت الذي لا يزول.

من الوقائع لم تغفلها الكتب السماوية بل اعتبرتها القطب الذي تدور حوله احداث الديانات كافة تلك هي النبوة ثم الخلافة التوأمان اللذان لا يفترقان.

فمسيرة الاحداث واحدة منذ ان خلق الرب عالم الأشياء ومن عليه، وكلها تدل على أن المخطط واحد.

من هذه الاحداث التي ذكرتها التوراة هي البيعة لشخص يخلف موسى. النص يقول أن موسى رفع نظره إلى السماء : (( فكلم موسى الرب قائلا : ليوكل الرب إله أرواح جميع البشر رجلا على الجماعة يخرج امامهم ويدخل امامهم ويُخرجهم ويُدخلهم ، لكيلا تكون جماعة الرب كالغنم التي لا راعي لها )) (1)

هذه هي امنية جميع الانبياء ان يخلفهم من بعدهم شخص يختاره الرب كما في طلب محمد نبي الاسلام عندما قال لربه : ((اللهم اني أسألك بما سألك أخي موسى فاجعل لي وزيراً من أهلي علياً أخي أشدد به أزري)) (2) وكأن النبي محمد عليه البركات يعلم بأن ما جرى على وصي موسى سوف يجري على وصيّه من بعده ، ولذلك طلب النبي نفس ا لطلب الذي طلبه موسى. (ان يجعل له وزيرا)

فمسألة اختيار الخليفة لا تكون بمشورة الناس او انتخابهم بل بطلب من النبي واختيار من الله ولذلك اجاب الرب موسى قائلا له : (( خذ يشوع بن نون وضع يدك عليه وأوقفه قدام كل الجماعة وأوصه أمام أعينهم واجعل من هيبتك عليه ففعل موسى كما أمره الرب . أخذ يشوع وأوقفه قدام ليعازر الكاهن وقدام كل الجماعة ووضع يديه عليه وأوصاه كما تكلم الرب عن يد موسى)) () سفر العدد 27: 20.

ففعل موسى كما أمره الرب. ـــ وجمع الجموع من أصحابه وسط تلك الصحراء القاحلة عند غدير مرشوم بعد رجعته من الجبل المقدس حاملا وصايا الرب في تعيين خليفة له ، ولكن موسى تردد مرارا، فكرر عليه الرب الأمر عدة مرات ولكن موسى كان يخشى من تصلب رقاب اليهود وعنادهم إلى أن هدد الرب موسى ــ فاخذ يشوع وأوقفه قدام كل الجماعة ووضع يديه عليه وأوصاه كما تكلم الرب عن يد موسى ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة إذ وضع موسى عليه يديه.

إذن هو وصي من قبل الرب وشهد (صحابة موسى) كلهم ذلك وعرفوه وبخبخوا له. ولكننا نسأل: لماذا اختار الرب هذا الوصي، وهل له مزايا تميّز بها عن بقية أقرانه ؟

يقول سفر يشوع بن سيراخ 46:1 في معرض وصف مزايا هذا الوصي ((كان يشوع بن نون رجل بأس في الحروب، خليفة موسى . وكان كاسمه عظيما في خلاص مختاريه، شديد الانتقام على الأعداء المقاومين، ما أعظم مجده عند رفع يديه، وتسديد حربته على المدن. من قام نظيره من قبله؟ إن الرب نفسه دفع إليه الأعداء. ألم ترجع الشمس إلى الوراء على يده، وصار اليوم نحوا من يومين؟ دعا العلي القدير إذ كان يهزم الأعداء من كل جهة، فاستجاب له الرب العظيم أهلك المقاومين دعا الرب القدير، عندما كان أعداؤه يضيقون من كل جهة فأرعد الرب من السماء، وبقصف عظيم أسمع صوته)).

وهذا نفسه حدث في المسيحية عندما اختار يسوع بطرس بأن يبني كنيسته ولكن الجماعة ارتدوا بعده واختاروا بولص وصاحبه سيمون الساحر . فعلى الرغم من علم الناس أن الاختيار كان بأمر الرب وأن النبي لا يفعل شيئا من عنده إلا ان الناس لم يعجبهم ذلك واضمروا شرا كانوا يكتمونه وحسدا يُضمرونه فأضهروه بعد رحيل النبي ، ولذلك كان اقرب اصحاب النبي هم من قاد عملية الانقلاب، اليعازر وصاحبه على رأس المنقلبين على وصي موسى. وتبعهم الشعب في ذلك طمعا في حطام الدنيا ، وعينوا عليهم خليفة من اختيارهم وتركوا من اختاره الرب ونبيه الوصي (يوشع) جالسا في بيته (4) لا بل أن زوجته صافوراء خرجت عليه تقود الجيوش لقتله ، لكي يبقى الحكم في بيتها.

وهكذا لم يُطيعوا موسى ولم يسمعوا له ولم يمتثلوا لوصاياه كما يقول النص:

((بغوا هم وآباؤهم وصلّبوا رقابهم ولم يسمعوا لوصاياك وأبوا الاستماع، وعند تمردهم أقاموا رئيسا ليرجعوا إلى عبوديتهم وعصوا وتمردوا عليك وطرحوا شريعتك وراء ظهورهم ، فبغوا ولم يسمعوا لوصاياك وأخطأوا ضد أحكامك، التي إذا عملها إنسانٌ يحيا بها. وأعطوا كتفا معاندة، وعملوا إهانة عظيمة)).()

وهكذا بدأت مسيرة افتراق امة موسى فانشطرت في بداية أمرها فرقتين على يد خيرة صحابته والمقربين منه . فرقة تبعت اليعازر وصاحبه وهم الأكثرية الساحقة . وفرقة تبعت يوشع بن نون وهم الفئة القليلة المستضعفة. ولم يقم الوصي بالأمر بعد موسى بعد الانقلاب عليه فبقى صابرا على اللأواء والضراء والجهد والبلاء حتى مضى منهم ثلاث طواغيت (شافاط ، و كالب ، وعثلي) وبعد أن رحل هؤلاء الثلاث رجع الناس إلى وصي موسى وانثالوا عليه ، ولكن هيهات أن يستقيم الأمر بعد أن دب الانحراف وتمكن الزيغ وافترقت رسالة موسى إلى فرقتين وضعف امر الدين.

المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــ

. 1- سفر العدد 27: 18

2- ذكر هذا الحديث اكثر من (22) مصدرا من مصادر اهل السنة والجماعة ناهيك عن مصادر الشيعة.

3- سفر نحميا ، الاصحاح 9 : 17.

(4- يشوع وهو من سبط أفرايم وكان اسمه هوشع وعند المسلمين يوشع). القس انطونيوس فكري ، تفسير سفر الخروج .فقد مدح الرب في كتابه يوشع بن نون مدحا كبيرا لائقا به ولم يمدح وصيا غيره إلا وصي محمد ، حيث اختار موسى وصيه منذ ان كان فطيما صغيرا يتعهده بالرعاية فكان يتبعه غلاما يافعا اتباع الفصيل اثر امّه يرفع له في كل يوم من اخلاقه النبوية علما ويأمر يوشع بالاقتداء به كما جاء في (سفر الخروج 33: 11 ) فكان هذان الوصيان على درجة عظيمة من الحكمة والشجاعة ، ارجع الرب الشمس لهما من دون خلقه . فقد جاء في سفر يشوع بن سيراخ 46: ((كان يشوع بن نون رجل باس في الحروب خليفة موسى في النبوءات وكان كاسمه عظيما في خلاص مختاريه شديد الانتقام على الاعداء المقاومين ما اعظم مجده ان الرب نفسه دفع اليه الاعداء الم ترجع الشمس الى الوراء على يده دعا العلي القدير اذ كان يهزم الاعداء من كل جهة)).

5- سفر نحميا 9: 16 ــــ 29.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/16



كتابة تعليق لموضوع : اللهم اني أسألك بما سألك أخي موسى؟ فماذا سأل موسى من ربه؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : بورضا ، في 2023/05/16 .


دعاوى الانقلابيين وتضليلهم للناس كما السامري والعجل .. الورقة الدينية أنموذجا

إن الانسان قد يصله خبر يقين كالشمس لكن تفصيله لم يصله أو أنه لم يطلع على التفصيل ولم يطلبه رغم وجوده .
في كلا الحالين يبقى الخبر يقين سواء علم بتفاصيله او لم يعلم فإنه قد وقع قطعا .

مثال ذلك عبادة بني اسرائيل للعجل، فهذا خبر يقين عند كل مسلم قد قرأ القرآن الكريم، لكن ما تفاصيل هذه الواقعة قد لا يتذكرها او لم يتدبر ايات القرآن حول هذا الموضوع .

فلا يصح لشخص أن يتعجب ممن رأوا آية انفلاق البحر وهلاك فرعون أنهم بعد ذلك عبدوا عجلا صنعه احدهم؟ إن كان تعجبه يقصد به الانكار او التشكيك في الواقعة لوجود الدليل اليقيني على حدوثها .

وفي بعض التفاصيل يستنتج الانسان كيف تم ذلك واسبابه أو بعض التفاصيل، ومنها مكانة المدعي فيهم، وأثر الفعل من صدور الخوار وتزيينه او صناعته من حلي القوم، وقرب الناس عهدا بالبيئة المنحرفة والضالة قوم فرعون وطقوسهم وهذا ظهر من طلبهم من موسى أن يجعل لهم آلهة كما لدى اصحاب الاصنام الذين أتوا عليهم كما في الاية 138 من سورة الاعراف، فهناك رواسب قديمة وسوابق كلمات وافعال ظهرت منهم قبل قضية عبادة للعجل . ولكن الآن يهمنا سبب من الاسباب وهو الاشاعة الدينية الكاذبة او التضليل الديني او قل استخدام الورقة الدينية في التضليل أي العبث بصورة مبطنة وغير صادمة وهو قول السامري عن العجل انه إلهكم وإله موسى والملاحظ أن الآية عبر بلفظ الجمع بعدما ذكرت فعل السامري إذ تقول : (( فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي (88) )) من سورة طه .

ولاحظوا أن السامري لم يعلن الكفر بنبوة موسى ولم يدعي مخالفة اله موسى او عبادة غيره، لاحظوا قوله تعالى : (( ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى )) من سورة طه . فلما عاد اليهم موسى لم ينكروا عليه بل أخبرهم بمعصيتهم التي اقترفوها واخبرهم بالاجراءات التي يجب ان يتبعوها وعقوبة الظالمين .

الآن نطبق نفس الأمر على قضية يوم الغدير وانقلاب السقيفة، فالخبر يقين لكن تفاصيله والتدبر في الحيل التي تم استخدامها والظروف التي كانت وقتها والاسباب الاجتماعية والمالية والسياسية والدينية للمجتمع المدني بشكل خاص وسكان الجزيرة بشكل عام، وأحوالهم قبلها في العهد النبوي وما ظهر منهم والرواسب الجاهلية والقبلية، هذه التفاصيل والملاحظات طبيعي أن تخفى على من لم يتتبعها او من لم يسمع بها من قبل، إلا أن هذا لا يعتبر مبررا صحيحا للتعجب الذي يجعل صاحبه ينكر حدوث هذه القضية .

وهنا سأشير الى التضليل الديني، وقد مورس هذا كثيرا، ومنها ادعاء حديث لا نورث لما احتجت عليهم السيد الزهراء عليها السلام و ذكرت لهم آيات من القرآن الكريم، وهكذا لما قام مجموعة من المهاجرين والانصار واحتجوا على المنقلبين بأن البيعة والإمامة للإمام علي عليه السلام كما بين رسول الله صلى الله عليه وآله، هنا جاؤوا بدعوى أنهم سمعوا من النبي بعد ذلك نسخا لما سبق بيانه! وسقوط هذه الدعوى وكونها من الكذب المفضوح لا يخفى على مثل سكان المدينة وإنما قد يفتتن به عوام من تأخر اسلامهم من سكان الجزيرة وهذا حال أكثرهم أو غالبهم حيث لم يسلموا إلا في السنوات الثلاث الاخيرة تقريبا وبشكل دفعي جماعي وليس حركة فردية مستقلة . ويضاف الى ذلك اشاعة أن أمير المؤمنين قد بايع القوم، فهذا له أثر في الارباك لكل من قد يقوم أو يفكر في ردة فعل أو تصرف وأقلها يبطئ تحركهم ويجعل المبادرة للعدو ويكسبه الوقت لتجميع اعوان جدد للانقلاب . فالكذب وإن كان فيه افتضاح لكنه الوسيلة الوحيدة في استخدام ورقة الدين والتستر بها واعطاء المشروعية لعمليتهم الانقلابية .

فكل الذي احدثه السامري وحزبه قد فعل مثله المنقلبين في أمة آخر الزمان، فراجعوا وطابقوا بين الاساليب والظروف والاسباب .

والذي يتابع الاحداث يجد تجديدا للانقلاب واحياء له وترميما متتابع من قبل الحكومات الظالمة المتوالية والتي قامت على اساس ذلك الانحراف والضلال، ومن أمثلة ذلك منع الحديث الحق ونشر الرواية الباطلة، ومحاربة فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ومحاربة رواتها، وافساح المجال للرواة الكذبة والاعداء والممولين من قبل السلطة كي ينشروا أكاذيبهم ضد أهل البيت عليهم السلام، ويروجوا روايات في فضائل المنقلبين بل وينزعوا فضائل الامام علي عليه السلام ويجعلوها للمنقلبين . وهكذا قصص الكرامات للمنقلبين وخوارق العادة وقصص الزهد والعدل وحب الناس لهم واجتماعهم عليهم ونسبتهم الى العلم بل والقول بأفضليتهم وغيرها من أوراق دينية كانت بمثابة الخوار للعجل الذي قدموه للأمة .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net