صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

شاركوا في نشر الفضيلة  
د . حميد مسلم الطرفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان لهذا العام ، وحيث يبدو التعب على معظم الصائمينوتترقب الأجساد المنهكة  اطلالة العيد بأمن وسلام ، جرّتنا المقادير أنا واثنين من أخوال أولادي الىمصرف الدم الرئيسي في كربلاء المقدسة الساعة الثانية والنصف فجراً نطرق بابه للحصول علىقنينتي دم فصيلة A سالب ، حيث ترقد أمهما في مستشفى وارث للأورام لتُجرى لها عملية رفع ورمٍعن كليتها اليسرى - عافاكم الله- ، نظر الموظف الخفر في وجوهنا يتأملنا جيداً ثم قال : لابد منإحضار اثنين من المتبرعين فهذه الفصيلة نادرة ولا توجد الا قنينة واحدة يجب ان تبقى رصيدللحالات الطارئة جداً . تقدم أحدهما فكانت فصيلة دمه Oموجب ، رفض الموظف المختص ، اريدAسالب أو AB سالب ، مالحل اذن ؟ ابحثوا عن متبرعين ، وهنا راودنا ما يراود أي مراجع لدائرةعراقية في هذه الأيام ، خاصةً وان الممرضة التي ارسلتنا قالت استعينوا على قضاء حوائجكم ،بالدينار ، انا في الزي الرسمي ، قد يتحاشاني موظف مصرف الدم ، فربما أكون في نظره موظفنزاهة أو موظف تفتيش ، اذهب وتكلم معه بهدوء أن يجد لنا طريقة لتزويدنا بالدم فالوقت يمر ،وحاجتنا ماسة ، هكذا قلت لأحدهما ، فذهب وهمس في اذنه ، رد عليه بهدوء ، لو كان هناك خزين لماترددت ، ارجو ان لا تفكر بهذه الطريقة ، اذن ما الحل ؟ اليك هذا السجل ففيه أرقام بعض المتبرعينوفصائل دمهم ، اتصل لعلك تجد من يستجيب ، وهنا تذكرت ما سمعت قبل سنين من أن بعضالمتبرعين يقفون أمام المستشفيات أو مصرف الدم من ذوي الحاجة فيتبرعون بالدم مقابل (إكرامية)يختلفون في تحديدها مع صاحب الحاجة ، لا مشكلة المهم الحصول على المتبرع ، اقتربت الساعةمن الثالثة تم الاتصال بأحد الارقام ، 

  • عيني فلان ، بلا زحمة احنة بمصرف الدم وانطونه رقمك واحنة محتاجين تبرع منك ( ترتجفكلماتنا ، فالسؤال ذل ولو اين الطريق) .
  • انتم بمصرف الدم مال كربلاء ؟ 
  • إي عزيزي . 
  • انا بحي الانتفاضة الثالثة وتدرون هيه بعيدة شوية عن مصرف الدم .
  • صحيح عيني ظل بمكانك واحنة راح نجيك لمكانك واذا تتفضل علينة دز النا الموقع علىالواتس اب حتى ما نزعجك بالسؤال ودقايق واحنة يمك .
  • لا  لا تكلفوا نفسكم .. جيرانا عنده تكتك وراح اجيكم بيها ان شاء الله .                                                     علينا البحث عن القنينة الثانية وتكرر الحوار مع آخر ، 
  • أنا في طريق النجف متوجه الى كربلاء اذا يسمح ظرفكم بالتأخر نصف ساعة أكون موجود . 
  • ننتظرك جزاك الله الف خير .                                                                                   الشخص الأولقرأنا حالته فالرجل لا يملك حتى دراجة يقيناً ان حاله يستدعي الإكرامية ، تُرى هل يلبيطلبنا ويأتي في هذا الوقت المتأخر وكم يستحق على تبرعه ؟ شهر صيام ، وفي ساعة متأخرةمن الليل وبعد يوم يحل العيد ، ويطرق باب جاره ليأتي بالتكتك ، يستحق كل ما يطلب ، ولكنهلا يطلب ، فلنسأل اذن الموظف فهو يتعامل مع هذه الأمور يومياً . ذهب خال الأولاد مجدداً ، بكمتنصحنا أن (نكرم ) المتبرع ؟ فأجاب ولكن هذه المرة بانزعاج ، المتبرع هنا يرفض حتى قنينةالعصير التي يحتاجها المتبرع بعد تبرعه وقيمتها ربع دينار ، وتذكرنا اننا لم نُحضر قنينةالعصير ،  خرجنا إلى باب المصرف ننتظر واذا بثلاثة اشخاص يضحكون مع بعضهم البعض، وكأنهم مقبلون على زفاف أحد ذويهم ، إثنان من الشباب ومعهم كهل بين الاربعين والخمسينمن عمره . بادر الكهل هل انتم من اتصل على دم ؟ 
  • نعم نحن . 
  • هيا بنا إلى غرفة التبرع ، ذهب الكهل وبقيت مع الشابين ، أحاول جرهما إلى حيث أفكر لكيأبادر بإكرام رفيقهم ، ضحكوا وقالوا : يا عم انت وين تفكر ، عمي الدنيا بعدها بخير ، أصلاًاحنة مستعدين ننطيكم بعد بُطلين ، بس للأسف دمنا مو اللي تردوه .                                                            اقتربت الساعة من الثالثة والنصف وصل المتبرع الثاني دخل الغرفة جلست قربه ،أخشى عليه من أي طارئ ، طلب مني أن أكمل الاجراءات فصحته جيدة وعائلته تنتظر فيالسيارة خارج المصرف ، حيث كان قدومه من النجف ، يقص علي حكاية أول تبرع له بالدم وأنامطرق برأسي متأملاً بهذا النوع من العطاء ، فهل هو سجية في النفس أم فنٌ مكتسب ، أمعادة اكتسبها البعض من البيئة التي يعيشون فيها ، أطرق برأسي حياءً من هكذا نماذجعراقية تجود كل هذا الجود ولديها الف عذر وعذر لأن ترفض الطلب ، أطرق برأسي حياءً مننفسي وكيف جاز لها أن تفكر بطريقة التجار في الربح والخسارة وكم تدفع وكم تقبض ، لقدكانت ساعة حساب عسيرة مع الذات ، ( فأهل الغيرة)  صفة يستحقها الكثير من العراقيينبجدارة .            #شاركوا_في_نشر_الفضيلة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/24



كتابة تعليق لموضوع : شاركوا في نشر الفضيلة  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net