الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

صفات المتقين والمفلحين عند الشيخ الطبرسي (البقرة 2-5)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن المتقين والمفلحين "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)" (البقرة 2-5)

قوله عز من قائل "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" (البقرة 2) المراد بالكتاب: القرآن وقال الأخفش ذلك بمعنى هذا لأن الكتاب كان حاضرا وأنشد لخفاف بن ندبة. أقول له والرمح يأطر متنه * تأمل خفافا إنني أنا ذلكا. أي أنا هذا وهذا البيت يمكن إجراؤه على ظاهره أي إنني أنا ذلك الرجل الذي سمعت شجاعته وإذا جرى للشيء ذكر يجوز أن يقول السامع هذا كما قلت وذلك كما قلت وتقول أنفقت ثلاثة وثلاثة فهذا ستة أوفذلك ستة وإنما تقول هذا لقربه بالإخبار عنه وتقول ذلك لكونه ماضيا وقيل إن الله وعد نبيه أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء ولا يخلق على كثرة الرد فلما أنزل القرآن قال هذا القرآن ذلك الكتاب الذي وعدتك عن الفراء وأبي علي الجبائي وقيل معناه هذا القرآن ذلك الكتاب الذي وعدتك به في الكتب السالفة عن المبرد ومن قال إن المراد بالكتاب التوراة والإنجيل فقوله فاسد لأنه وصف الكتاب بأنه لا ريب فيه وأنه هدى ووصف ما في أيدي اليهود والنصارى بأنه محرف بقوله يحرفون الكلم عن مواضعه. ومعنى قوله "لا ريب فيه" أي أنه بيان وهدى وحق ومعجز فمن هاهنا استحق الوصف بأنه لا شك فيه لا على جهة الإخبار بنفي شك الشاكين وقيل أنه على الحذف كأنه قال لا سبب شك فيه لأن الأسباب التي توجب الشك في الكلام هي التلبيس والتعقيد والتناقض والدعاوي العارية من البرهان وهذه كلها منفية عن كتاب الله تعالى وقيل إن معناه النهي وإن كان لفظه الخبر أي لا ترتابوا أولا تشكوا فيه كقوله تعالى "لا رفث ولا فسوق" وأما تخصيص المتقين بأن القرآن هدى لهم وإن كان هدى لجميع الناس فلأنهم هم الذين انتفعوا به واهتدوا بهداه كما قال إنما أنت منذر من يخشاها وإن كان (صلى الله عليه وآله يذكر وسلّم) منذرا لكل مكلف لأنه إنما انتفع بإنذاره من يخشى نار جهنم على أنه ليس في الإخبار بأنه هدى للمتقين ما يدل على أنه ليس بهدى لغيرهم وبين في آية أخرى أنه هدى للناس.

قوله جل جلاله "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" (البقرة 3) لما وصف القرآن بأنه هدى للمتقين بين صفة المتقين فقال "الذين يؤمنون بالغيب " أي يصدقون بجميع ما أوجبه الله تعالى أو ندب إليه أو أباحه وقيل يصدقون بالقيامة والجنة والنار عن الحسن وقيل بما جاء من عند الله عن ابن عباس وقيل بما غاب عن العباد علمه عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة وهذا أولى لعمومه ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من زمان غيبة المهدي عليه السلام ووقت خروجه وقيل الغيب هو القرآن عن زر بن حبيش وقال الرماني الغيب خفاء الشيء عن الحسن قرب أو بعد إلا أنه كثرت صفة غايب على البعيد الذي لا يظهر للحس وقال البلخي الغيب كل ما أدرك بالدلائل والآيات مما يلزم معرفته وقالت المعتزلة بأجمعها الإيمان هو فعل الطاعة ثم اختلفوا فمنهم من اعتبر الفرائض والنوافل ومنهم من اعتبر الفرائض حسب واعتبروا اجتناب الكبائر كلها وقد روى الخاص والعام عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام أن الإيمان هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان وقد روي ذلك على لفظ آخر عنه أيضا الإيمان قول مقول وعمل معمول وعرفان بالعقول واتباع الرسول وأقول أن أصل الإيمان هو المعرفة بالله وبرسله وبجميع ما جاءت به رسله وكل عارف بشيء فهو مصدق به يدل عليه هذه الآية فإنه تعالى لما ذكر الإيمان علقه بالغيب ليعلم أنه تصديق للمخبر به من الغيب على معرفة وثقة ثم أفرده بالذكر عن سائر الطاعات البدنية والمالية وعطفهما عليه فقال " ويقيمون الصلوة ومما رزقناهم ينفقون " والشيء لا يعطف على نفسه وإنما يعطف على غيره ويدل عليه أيضا أنه تعالى حيث ذكر الإيمان إضافة إلى القلب فقال وقلبه مطمئن بالإيمان وقال أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الإيمان سر وأشار إلى صدره والإسلام علانية وقد يسمى الإقرار إيمانا كما يسمى تصديقا إلا أنه متى صدر عن شك أو جهل كان إيمانا لفظيا لا حقيقيا وقد تسمى أعمال الجوارح أيضا إيمانا استعارة وتلويحا كما تسمى تصديقا كذلك فيقال فلان تصدق أفعاله مقاله ولا خير في قول لا يصدقه الفعل والفعل ليس بتصديق حقيقي باتفاق أهل اللغة وإنما استعير له هذا الاسم على الوجه الذي ذكرناه فقد آل الأمر تسليم صحة الخبر وقبوله إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب والتصديق به على نحو ما تقتضيه اللغة ولا يطلق لفظه إلا على ذلك إلا أنه يستعمل في الإقرار باللسان والعمل بالأركان مجازا واتساعا وبالله التوفيق وقد ذكرنا في قوله "ويقيمون الصلوة" وجهين اقتضاهما اللغة وقيل أيضا إنه مشتق من القيام في الصلوة ولذلك قيل قد قامت الصلاة وإنما ذكر القيام لأنه أول أركان الصلاة وأمدها وإن كان المراد به هو وغيره والصلاة في الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة على وجوه مخصوصة وهذا يدل على أن الاسم ينقل من اللغة إلى الشرع وقيل إن هذا ليس بنقل بل هو تخصيص لأنه يطلق على الذكر والدعاء في مواضع مخصوصة وقوله تعالى "ومما رزقناهم ينفقون" يريد ومما أعطيناهم وملكناهم يخرجون على وجه الطاعة وحكي عن ابن عباس أنه الزكاة المفروضة وعن ابن مسعود أنه نفقة الرجل على أهله لأن الآية نزلت قبل وجوب الزكاة وعن الضحاك هو التطوع بالنفقة وروي محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام أن معناه ومما علمناهم يبثون والأولى حمل الآية على عمومها وحقيقة الرزق هوما صح أن ينتفع به المنتفع وليس لأحد منعه منه وهذه الآية تدل على أن الحرام لا يكون رزقا لأنه تعالى مدحهم بالإنفاق مما رزقهم والمنفق من الحرام لا يستحق المدح على الإنفاق بالاتفاق فلا يكون رزقا.

قوله عز وعلا "وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (البقرة 4) القراءة: أهل الحجاز غير ورش وأهل البصرة لا يمدون حرفاً لحرفٍ وهو أن تكون المدة من كلمة والهمزة من أخرى نحو " بما أنزل إليك " ونحوه وأما أهل الكوفة وابن عامر وورش عن نافع فإنهم يمدون ذلك وورش أطولهم مداً ثم حمزة ثم عاصم برواية الأعشى والباقون يمدون مداً وسطاً من غير إفراط فالمد للتحقيق وحذفه للتخفيف وأما السكتة بين المدة والهمزة فعن حمزة ووافقه عاصم والكسائي على اختلاف عنهما وكان يقف حمزة قبل الهمزة أيضاً فيسكت على اللام شيئاً من قولـه بالآخرة ثم يبتدئ بالهمزة وكذلك يقطع على الياء من شيء كأنه يقف ثم يهمز والباقون بغير سكتة. الإعراب: إليك ولديك وعليك الأصل فيها إلاك وعَلاك وَلَداك إلا أن الألف غيرت مع المضمر فأبدلت ياء ليفصل بين الألف في آخر الاسم المتمكن وبينها في آخر غير المتمكن الذي الإضافة لازمة له ألا ترى أن إلى وعلى ولدى لا تنفرد من الإضافة فشبهت بها كلا إذا أضيفت إلى الضمير لأنها لا تنفرد ولا تكون كلاماً إلا بالإضافة وما موصول وأنزل صلته وفيه ضمير يعود إلى ما والموصول مع صلته في موضع جر بالباء والجار والمجرور في موضع نصب بأنه مفعول يؤمنون ويؤمنون صلة للذين والذين يؤمنون في موضع جر بالعطف والعطف فيه على وجهين أحدهما أن يكون عطف أحد الموصوفين على الآخر والآخر أن يكون جمع الأوصاف لموصوف واحد. المعنى: ثم بيّن تعالى تمام صفة المتقين فقال " والذين يؤمنون بما أنزل إليك " يعني القرآن وما أنزل من قبلك يعني الكتب المتقدمة وقولـه وبالآخرة أي بالدار الآخرة لأن الآخرة صفة فلا بد لها من موصوف وقيل أراد به الكرَّة الآخرة وإنما وصفت بالآخرة لتأخرها عن الدنيا كما سميت الدنيا دنيا لدنوها من الخلق وقيل لدناءتها هم يوقنون يعلمون وسمي العلم يقينا لحصول القطع عليه وسكون النفس إليه فكل يقين علم وليس كل علم يقيناً وذلك أن اليقين كأنه علم يحصل بعد الاستدلال والنظر لغموض المعلوم المنظور فيه أو لإشكال ذلك على الناظر ولهذا لا يقال في صفة الله تعالى موقن لأن الأشياء كلها في الجلاء عنده على السواء وإنما خصهم بالإيقان بالآخرة وإن كان الإيمان بالغيب قد شملها لما كان من كفر المشركين بها وجحدهم إياها في نحو حكي عنهم في قولـه: "وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا" (الجاثية 24) فكان في تخصيصهم بذلك مدح لهم.

قوله تبارك وتعالى "أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (البقرة 5) اللغة: أولئك اسم مبهم يصلح لكل حاضر تعرفه الإشارة وهو جمع ذلك في المعنى وأولاء جمع ذا في المعنى ومن قصر قال أولا والاك وأولالك وإذا مدَّ لم يجز زيادة اللام لئلا يجتمع ثقل الزيادة وثقل الهمزة قال الشاعر: أُلالِكَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً وَهلْ يَعِظُ الضّلِّيلَ أُولالِكا. والمفلحون المنجحون الفائزون والفلاح النجاح قال الشاعر: إِعْقِلِي إِن كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي فَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ. أي ظفر بحاجته والفلاح أيضاً البقاء قال لبيد: نَحْلّ بِلاداً كُلُّها حُلَّ قَبْلَنَا ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عادٍ وَتُبَّعَا. وأصل الفلح القطع ومنه قيل الفلاح للأكّار (الحراث) لأنه يشق الأرض وفي المثل الحديد بالحديد يفلح فالمفلح على هذا كأنه قطع له بالخير. الإعراب: موضع أولئك رفع بالابتداء والخبر على هدىً من ربهم وهو اسم مبني والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب وكسرت الهمزة فيه لالتقاء الساكنين وكذلك قولـه وأولئك هم المفلحون إلا أن قولـه هم فيه وجهان أحدهما: أنه فصل يدخل بين المبتدأ أو الخبر وما كان في الأصل مبتدأ وخبراً للتأكيد ولا موضع له من الإعراب والكوفيون يسمونه عماداً وإنما يدخل ليؤذن أن الاسم بعده خبر وليس بصفة وإنما يدخل أيضاً إذا كان الخبر معرفة أو ما أشبه المعرفة نحو قولـه تعالى: "تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً" (المزمل 20) والوجه الآخر أن يكون هم مبتدأ ثانياً والمفلحون خبره والجملة في موضع رفع بكونها خبر أولئك. المعنى: لما وصف المتقين بهذه الصفات بيَّن ما لهم عنده تعالى فقال أولئك إشارة إلى الموصوفين بجميع الصفات المتقدمة وهم جملة المؤمنين على هدى من ربهم أي من دين ربهم وقيل على دلالة وبيان من ربهم وإنما قال من ربهم لأن كل خير وهدى فمن الله تعالى إما لأنه فعله وإما لأنه عرض له بالدلالة عليه والدعاء إليه والإثابة على فعله وعلى هذا يجوز أن يقال الإيمان هداية منه تعالى وإن كان من فعل العبد ثم كرر تفخيماً فقال وأولئك هم المفلحون أي الظافرون بالغية والباقون في الجنة. النزول: قال مجاهد أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلت في الكافرين وثلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/01



كتابة تعليق لموضوع : صفات المتقين والمفلحين عند الشيخ الطبرسي (البقرة 2-5)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
أدخل كود التحقق : 2 + 9 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net