القرآن الكريم وأخذ العبرة من انتكاسة ثورة العشرين العراقية 1920 (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

العبرة من قصة ثورة العشرين العراقية عام 1920 دروسها أن العدو الداخلي أهم من العدو الخارجي وأن البرغماتية في التعامل للوصول الى منفعة الشعب مطلوبة جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى في عبرة "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ﴿يوسف 111﴾ قال الراغب أصل العبر تجاوز من حال إلى حال فأما العبور فيختص بتجاوز الماء - إلى أن قال - والاعتبار والعبرة بالحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد قال تعالى: إن في ذلك لعبرة. انتهى. والضمير في قصصهم للأنبياء ومنهم يوسف صاحب القصة في السورة، واحتمل رجوعه إلى يوسف وإخوته والمعنى أقسم لقد كان في قصص الأنبياء أو يوسف وإخوته عبرة لأصحاب العقول، ما كان القصص المذكور في السورة حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يدي القرآن، وهو التوراة المذكور فيها القصة يعني توراة موسى عليه السلام. وقوله: "وتفصيل كل شيء" إلخ أي بيانا وتمييزا لكل شيء مما يحتاج إليه الناس في دينهم الذي عليه بناء سعادتهم في الدنيا والآخرة، وهدى إلى السعادة والفلاح ورحمة خاصة من الله سبحانه لقوم يؤمنون به فإنه رحمة من الله لهم يهتدون بهدايته إلى صراط مستقيم.
جاء في موقع الدراسات التخصصية للشهيد الصدر عن مقابلة مع الشيخ الناصري: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله الميامين بمناسبة أسبوع المرجع الشهيد الصدر رضوان الله عليه، يجري قسم الإعلام في المجلس الشيعي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، محاورة مع مجموعة من تلامذة ومعارف الشهيد الصدر ليبينوا للجماهير المسلمة، الدور الجهادي والعلمي والسياسي الذي تصدى له السيد الشهيد لإنضاج الحركة الإسلامية في العراق والعالم وتهيئتها لمجابهة المخططات المعادية للإسلام والمسلمين، والآن نلتقي فضيلة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر الناصري ليجيب على الأسئلة الآتية: س: ما هو دور الشهيد الصدر قدس سره في إنضاج الحركة الإسلامية في العراق؟ نعم، لعلّي أشرت في السؤال السابق إلى أن الأمّة كانت تعيش صحوة إسلامية إلا أنها كانت تفتقد أموراً منها التنظيم والتنسيق في الأعمال، فإن الأمّة خسرت منذ حرب الشعيبة وفي ثورة العشرين وفي الثورات والانتفاضات الأخرى خسرت كثيراً من المواقع بسبب عدم وجود حركة إسلامية واعية تستقطب العمل وتأخذ زمام المبادرة، وبهذا كانت الأمّة في أواخر الأربعينات تتجه إلى ضرورة وجود حركة إسلامية واعية، وكان شهيدنا الصدر مظهراً من المظاهر لتلك الصحوة وذلك الاتجاه السليم، وقد تبنّى فكرة الحركة الإسلامية وأكد ضرورتها وسعى لبنائها، واستجاب لتوجيهاتها جملة من علماء المناطق في العراق وفي لبنان وفي إيران وفي بلدان الخليج من أبناء الأمّة من المرتبطين بمرجعية النجف وبعلماء النجف، كما أن هذه الطليعة الواعية من أبناء الأمّة في العراق من المفكرين والأساتذة والطلاب والطبقات الأخرى من أبناء الأمّة الإسلامية.
جاء في صوت الأمة العراقية عن ثورة العشرين بين التقييم الوطني والموقف الشيعي للكاتب سلمان رشيد الهلالي: ثانيا: تاسيس الدولة العراقية: ان من اهم نتائج ثورة العشرين هو تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921. وهذا ما اكده اغلب الكتاب والسياسيون العراقيون والاجانب وابرزهم رئيس الوزراء الاسبق ناجي شوكت في مذكراته (في اعتقادنا انه لو لا هذه الثورة العراقية الكبرى لما استطاع العراق ان يحصل حتى ولاعلى شبه استقلال ولا كان من الممكن ان يدخل عضوا في عصبة الامم الى جانب الدول العظمى. فالعراق اصبح اول دولة عربية مستقلة واحتل مقامه بين دول العالم في الوقت الذي لم يكن هناك اي بلد عربي يحلم بالاستقلال) بل واعترف به حتى الكتاب الانكليز انفسهم وابرزهم المس بيل التي رغم حقدها الشخصي على الشيعة الا انها اكدت (لم يكن يدور بخلد احد ولا حكومة صاحب الجلالة ان يمنح العرب مثل الحرية التي ستمنحهم اياها الان كنتيجة للثورة – ثورة 1920). لقد كان الراي الاول والسائد عند الانكليز قبل الثورة هو الاستمرار بالحكم الانكليزي المباشر الذي يمثله الحاكم ارنولد ويلسن (1918-1920) وغيرهم من التابعين لما يعرف بمدرسة الهند والتي يقابلها المدرسة عربية في االقاهرة التي يمثلها لورنس العرب وبرسي كوكس الذين يطالبون بالادارة المحلية للعراق تحت الاشراف البريطاني. وقد استدعى برسي كوكس لبغداد من ايران وشكل اول حكومة عراقية برئاسة عبد الرحمن النقيب الكيلاني في تشرين الثاني 1920 (اي بعد انتهاء ثورة العشرين بشهر واحد تقريبا) وفيها سجل العراق اقصر فترة احتلال مباشر لمستعمرة بريطانية في العالم ثم تبعها مؤتمر القاهرة برئاسة وزير المستعمرات ونستون تشرشل عام 1921 الذي اكد المناداة بالامير فيصل ملكا على العراق. قد حصل التتويج في اب 1921 وتم تاسيس العهد الملكي الذي استمر حتى تموز 1958 وهذا يعني ان عملية اختراع العراق وصناعته قد حصلت بصورة مباشرة من قبل الانكليز ومن اجل ذلك قيل (ان العراق لم يصنعه الله هكذا بل صنعه ونستون تشرشل).
جاء في صوت الأمة العراقية عن ثورة العشرين بين التقييم الوطني والموقف الشيعي للكاتب سلمان رشيد الهلالي: التقييم الشيعي: واما من ناحية التقييم الشيعي لثورة العشرين فان الامر يخضع لتباينات كبيرة ومتعددة اغلبها تندرج ضمن القراءات الاسقاطية للتاريخ (اي اسقاط الواقع الحالي على التاريخ) وبالمجمل يمكن تقسيمها الى قسمين: الاول: وينظر الى ثورة العشرين نظرة الاعجاب والتقدير – بل وحتى التقديس – باعتبارها جزءا من التاريخ البطولي للجماعة الشيعية في العراق وتاريخها المجيد في مواجهة الاستعمار والاحتلال البريطاني (والصحيح هو الانتداب) ودورها الكبير في بلورة الهوية الوطنية والنزعة العراقية وتاسيس الدولة وغيرها من الامور التي تذكر عادة عن ثورة العشرين. وليس بالضرورة ان هؤلاء ينطلقون من دوافع مذهبية شيعية وانما دوافع وطنية او اسلامية او قومية او عشائرية الا ان البنية الاصلية هى شيعية. الثاني: وينظر الى ثورة العشرين نظرة اتهام وسخرية – ان لم تكن استهزاء – والسبب هو اعتبارها السبب المباشر لتهميش الاغلبية الشيعية العراقية عن الادارة والحكم خلال الثمانين عاما من عمر الدولة العراقية الاول (1921 – 2003) لان الدولة الراعية للتاسيس – وهم الانكليز – قد اسسوا للمعادلة الطائفية السابقة التي اقصت الشيعة وادت الى الاحتقان والانقسام والاستبداد والديكتاتورية وغيرها من التبعات التي حصلت – كما قلنا – بسبب تلك الثورة. واما الافراد الذين تبنوا هذا الراي من الشيعة فهم ينقسمون بدورهم الى قسمين: الاول: وهم الافراد الذين ينقدون ثورة العشرين من باب الحرص على الجماعة الشيعية ومصلحتها العليا في ضرورة التعامل البرغماتي مع الدول الكبرى. وهذا الطرح قد حصل بعد ارتقاء الوعي السياسي عند الشيعة بسبب النكسات والمظالم والديكتاتوريات السابقة. اذ هؤلاء يطالبون بالتصرف وفق الحقل السياسي الحقيقي الذي يقوم عادة على المصالحة العامة للجماعة الشيعية والبرغماتية والمساومات وليس الى المبادىء والقيم الوطنية الاخرى على اعتبار ان العراق ليس مجتمعا موحدا حتى يكون التصرف وفق هذا السلوك وانما بلدا متعدد المذاهب والاثنيات والاديان وبما ان الجميع ينظر الى مصلحته ومذهبه وجماعته اولا مثل الكورد والسنة والاقليات الاخرى فالشيعة ايضا بدورهم يجب ان ينظروا الى مصلحتهم اولا. وهذا الراي طرحه الكثير من الكتاب العراقيين الشيعة صراحة. الثاني: وهم الافراد الذين ينقدون ثورة العشرين ويهاجمونها ليس من باب الحرص على الجماعة الشيعية في العراق وماجلبته من التهميش والاقصاء بسبب المواجهة مع الانكليز وانما بسبب الهزيمة الذاتية والاستلاب والدونية الشيعية التقليدية والنقص الذي يجعلهم ينظرون الى كل تاريخ او رمز او انجاز او ظاهرة او حدث يمت الى الجماعة الشيعية بصلة بعين السخرية والاستهزاء. وهذا الامر قد حصل لهم بسبب غسل الادمغة وتزييف الوعي الذي تعرضوا له من قبل الانظمة القومية والطائفية الحاكمة قبل السقوط عام 2003 او ماقام به الاعلام والانترنت والفيس بوك من زرع الدونية والاستلاب عند الجيل الجديد بعد 2003. ومن المؤكد ان الجميع يرى هذه الظاهرة المنتشرة بالفيس بوك بقوة والتي انساق لها للاسف الكثير ليس من العامة والافراد غير المتعلمين من الشيعة فحسب بل وحتى الكتاب والمثقفين والاكاديميين. علما اننا لاننكر ان النظرة الدونية والهزيمة الذاتية والخصاء القومي والتدجين البعثي الذي كان موجودا عند اغلب افراد الجماعة الشيعية بسبب الاستهداف القومي والطائفي منذ عام 1963 وحتى عام 2003 قد شكل الارضية التي مهدت لهه الظاهرة لان الامر اصبح نسقا انتقل من الجيل السابق المخصي الى الجيل اللاحق الخنثي وهو التفسير الذي يشير الى تزايد الحالة وتمددها الى افراد لم يعاصروا التدجين الحكومي والبعثي السابق. وبالطبع ان البعض سيحاول تبرير الحال بالقول: ان السبب في رواج النظرة الدونية والاستلاب والنقص عند الجماعة الشيعية في العراق هو الفشل في ادارة الدولة بعد 2003 ورد الفعل السلبي والمتطرف عند الناس والجواب على ذلك هو في النقاط الاتية: 1. لايوجد ربط بين الفشل الحكومي بعد 2003 وبين انتشار الظاهرة الدونية عند اغلب الكتاب والمثقفين الشيعة في العراق لسبب بسيط هو انتشارها بقوة حتى قبل عام 2003 بين الاوساط المثقفة والمتعلمة الشيعية فهل كان هناك حكما شيعيا فاشلا حتى يكون هناك مبررا للهزيمة الذاتية والدونية والاستلاب؟ ام ان هؤلاء يتوقعون الفشل الشيعي فاخذتهم الدونية مقدما؟ علما ان الدونية والاستلاب عند الجيل السابق اقوى وامضى من الجيل اللاحق او الحالي بسبب التدجين البعثي والقومي والاستهداف الطائفي فيما ان الجيل الحالي لم يتعرض للتدجين والاستهداف وانما تعرض فقط لغسل الادمغة وتزييف الوعي من الاعلام العربي والطائفي وفي مواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك وغيرها.
جاء في كتاب ثورة العشرين ودورها في تأسيس الدولة الطائفية للدكتور عبدالخالق حسين: البدايات: وقَّع العرب، بقيادة الشريف حسين (شريف مكة) وأولاده، اتفاقاً مع فرنسا وبريطانيا على طرد الأتراك من البلاد العربية وقيام دولتهم المستقلة، ولكن الحلفاء كانوا قد عقدوا سراً معاهدة (سايكس- بيكو) عام 1916، التي نصت على تقسيم بلاد الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا وبموافقة روسيا القيصرية. ولما انتصرت الثورة البلشفية في روسيا، نشر فلاديمير إيليج لينين وثائق الخارجية الروسية ومن بينها مشروع إتفاقية سايكس- بيكو، وكشف الظلم الذي لحق بالشعوب العربية من جراء هذا الاتفاق. وبعد معاهدة سايكس- بيكو، جاءت مقررات سان ريمو التي أعلنت في أوربا في 25 نيسان 1920، والتي قضت بأن يكون العراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. وقد وصلت هذه المقررات إلى أرنولد ويلسن (الحاكم البريطاني في بغداد) في 1 أيار، فأوعز ويلسون بنشرها في العراق كما أصدر معهاً بلاغاً عاماً يشرح للناس معنى الانتداب ويحببه إلى قلوبهم معتقداً خطأً أن العراقيين سيرحبون بالانتداب البريطاني. في الحقيقة، كانت هناك مدرستان في التفكير لدى البريطانيين حول مصير العراق بعد احتلاله، الأولى تتمثل في جماعة (مكتب القاهرة)، وكان برسي كوكس من هذه المدرسة التي ترى منح العراق استقلاله والانسحاب منه تدريجياً، وجماعة أخرى من البريطانيين في الهند (المكتب الهندي)، كانت ترى العكس، وكان أرنولد ويلسون، حاكم العراق أيام الثورة، من هذه المدرسة، وكما يقول علي الوردي في هذا الخصوص: " لقد كان هؤلاء الإنكليز المعارضون لخطة كوكس متشبعين بما يسمى برسالة الرجل الأبيض في تمدين الشعوب، فقد كان رأيهم أن العراقيين لو أتيح لهم الاستقلال التام في حكم أنفسهم لأكل بعضهم بعضاً، ولهذا أصبح من واجب بريطانيا أن تستمر في حكم العراق مدة كافية إلى أن يتعود العراقيون على الحياة المدنية الحديثة ويتركوا عاداتهم القبلية القديمة في الغزو والثأر وسفك الدماء". ليس هذا فحسب، بل كان يعتقد البعض أنه كان في نية المدرسة الأخيرة أكثر من ذلك، أي حكم العراق حكماً استعمارياً استيطانياً، وفصل البصرة عن العراق وربطها بالهند، وجلب عدة ملايين من الهنود إلى العراق لتهنيده، وتغيير ديموغرافيته، وعزله عن البلاد العربية، واعتباره بلداً غير عربي، وتسمية خليج البصرة (العربي لاحقاً) بالخليج الإنكليزي- الهندي. ورداً على هذا المخطط الاستعماري، إلى جانب الأسباب الموضوعية الأخرى، انفجرت الثورة العراقية الكبرى التي انطلقت رصاصاتها الأولى في 30 حزيران/يونيو 1920 من قبل عشائر بني حجيم في الرميثة بلواء (محافظة) الديوانية على أثر قيام الحاكم البريطاني بتوقيف زعيمهم الشيخ شعلان أبو الجون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat