صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

ألهاكم التناحر!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 
ألهى من اللهو...
أمضيت وقتا طويلا في المرحلة الإبتدائية متسائلا عن معنى "ألهاكم" , وكنت أحسبها كلمة "هاكم" معرّفة بأل , وعجزت عن العثور على معناها في كتاب المنجد , وكنت شاكا في المعنى العام للكلمة وهي " خذ" , فنقول : هاك أو هات أي خذ أو إعطي. 
 
ذلك أن الكلمة في آية قرآنية تقول "ألهاكم التكاثر" , والغريب في الأمر أن معلم الدين لم يشرح لنا المعنى , وحسبنا نعرف ذلك لأننا نتكلم العربية , وهذا إفتراض أضعف فهم المسلم العربي للقرآن.                                                    
واللهو حاجة بشرية لا مناص منها , ولهذا إبتكرنا الكثير من وسائله المعروفة. 
                          
و"ألهاكم التكاثر" أي أن التكاثر صار ميدانا للتعبير عن الرغبات دون التفكير بالحقوق والواجبات , وما يتطلبه التكاثر من توفير الوسائل اللازمة للحياة الأفضل ووالإستثمار وإستحضار ميادين النشاط اللازمة للتطور والقوة , وهذا العامل من أهم الأسباب التي أسهمت في تحقيق الفقر والجوع والمرض في البلدان الإسلامية.
 
لأن التكاثر أصبح لهوا وليس تعبيرا عن حاجات حضارية وإقتصادية وتطلعات إستثمارية معاصرة , وفي بلداننا الكثرة تعني عبئا ثقيلا , كما نرى ذلك في تصريحات الأخوة المصريين دائما.                                                                                                       
بينما اليابان تسعى إلى الكثرة , وكذلك الدول المتقدمة , لأنها تحسبها نموا إقتصاديا وقوة مضافة , لقدرتها على إستثمار الطاقات الحية وتوظيفها لما هو أفضل وأقوى , وهو من الأسباب المباشرة لفتح الأبواب لهجرة الطاقات البشرية من المجتمعات العاجزة عن الإستثمار فيها.
 
وبين التناحر والتكاثر صلة , فالدول المتخلفة تجعل من التناحر وسيلتها للقضاء على التكاثر , ولا تعرف وسيلة أخرى , لأنها لا تحسبه إلا شرا وليس خيرا. 
 
بينما الصين حوّلت كثرتها إلى قوة إقتصادية فاعلة في الأرض , ونحن لا نعرف وسيلةً أفضل من التناحر,  فما أن نتكاثر حتى نتناحر , وأسهل وسائل التناحر هو الدين بفرقه ومدارسه , حتى صار من أفظع مشاريع تناحرنا!!
 
واللهو بالتناحر من الأساليب السائدة في بلداننا العربية والإسلامية , وهو فاعل في جميع ميادين الحياة , وخصوصا الإجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية والدينية , فكل نشاطات مجتمعاتنا إنما هي ذات أساليب تناحرية.
 
فالكراسي والأحزاب والمذاهب تتناحر , والتناحر في مفهومه عندنا يعني سفك الدماء , و يرتبط بالنحر أي الجزر,  وفي هذا يكمن سبب فاعل في الضياع والخسران الحضاري القائم في ديارنا.
 
وسنبقى نتلهى بالتكاثر والتناحر , ونجهل مهارات توظيف الكثرة البشرية وتحويلها إلى طاقات إقتصادية وثقافية ذات تأثير إنساني إيجابي في الحياة.
وسنمضي في معادلة اللهو بالتكاثر والتناحر , ما دمنا لا ندرك أن التناحر ضعف وهوان والتكاثر عزة وقوة واقتدار , ولا نفهم في البرامج الإقتصادية وتفعيل القدرات البشرية , ولا نواجه أنفسنا ونطرد ظلام عقولنا ونستحضر الأنوار الفكرية الحضارية الخلاقة , التي أنارت دروب الحياة في مسيرة الإشراق العربي الساطع في الأرض.
 
فلماذا نقلب التكاثر إلى تناحر , وننسى " تكاثروا فأني مباهٍ بكم الأمم..."؟!!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/24



كتابة تعليق لموضوع : ألهاكم التناحر!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net