صفحة الكاتب : علي شيروان رعد

هجوم شارلي أيبدو قراءة بأعين المنصفين
علي شيروان رعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
التعبير الالاهي في التعامل مع  المستهزئين له خاصية عجيبة لا يمكن فهمها الا من فهم معنى الاولويات ومعنى تقدير المفاسد من المصالح ومعنى التطبيق الحرفي للمنهج الرباني وسنن الانبياء والرسل، وقد وضح ذلك القرءان الكريم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فقال (  إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) 140 النساء،
 ثم خاطب الله نبيه والخطاب لجميع المؤمنين( وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) 65يونس 
أي ولا يحزنك قول المكذبين فيك من الأقوال التي يتوصلون بها إلى القدح فيك، وفي دينك فإن أقوالهم لا تعزهم، ولا تضرك شيئًا. {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} يؤتيها من يشاء، ويمنعها ممن يشاء، فكان محمد مُهلك نفسه غماً وحزنا على نجاة الناس، والسبيل لمواجهة الناس تحتاج  الحكمة وعدم الرد غصبا للنفس بل يجب أن يكون الرد غضبا لله سواء كان الاعتداء على محمد او نبي آخر من أنبياء الله، فكما نحن نغضب على الاستهزاء بالنبي محمد يجب علينا أن نغضب على أي اعتداء يصيب أي نبي من أنبياء الله، ولابد للغضب ان يكون مرهون بما اوصانا به الله تعالى ونبيه محمد . 
أعتقد أن من يعتدي على الناس وعلى مقدساتهم ورموزهم وخصوصاً اذا كان المعتدى عليه من الانبياء الذين هم في عداد الموتى ليس باستطاعتهم الدفاع عن أنفسهم ، رغم ان لديهم تزكيتهم الصريحة في الكُتب السماوية التي أنزلها الله ، وقد أجمع العالم من أهل الكتاب وغيرهم على عصمة الأنبياء والرُسل في نقل خبر السماء ، ولابد على المعتدي أن يجد ردود أفعال عنيفة وخصوصاً من بُسطاء الناس اللذين يمتلكون أحلام وردية في اقتفاء أثر العباقرة والعظماء وأي محاولة للقدح في رموزهم يعني ذلك القدح في مشاعرهم وكسر قدسية أحلامهم الوردية العالية الرقي في التعلق بالذاوة المركزية التي انبثقت منها ذواتهم ومبادئهم واعتقاداتهم .  
 
ولأن النقد يجب أن يكون في علوم وأفكار ومقالات وأطروحات الآخرين كالأنبياء والعباقرة، ولا يكون بالاستهزاء في أشكالهم أو تقبيح لصورهم، وجب على المجتمع الدولي التدخل لمنع مثل هكذا افعال عدوانية لا تمت لحرية الرأي بصلة لان اللغة فرقت بين حرية الرأي وبين الاستهزاء والذم .
 
إن التحقير على ما خلق الله لا يعد نقد بل هو همجية ترفضه الكتب والاديان السماوية التي أنزلها الله تعالى وكان اعتراف المجتمع الدولي على ذلك دليل واضح في حفظ قيمتهم من القدح والتشهير والاستهزاء، ولابدَ على من يتكلم بإنصاف ويقرأ الحدث قراءة جيدة ان يتعرف على عدة امور منها :-
١- الانبياء يقبلون النقد في مقولاتهم وأطروحاتهم لا في اشكالهم وصورهم .
٢- يجب  أن يكون العتب على المعتدي لا على ردود الافعال من بسطاء الناس فهو المسبب للنتيجة الحاصلة . 
٣- الاعتداءات على ( المقدسات والرموز الدينية ) هي من تجلب ردود الدفع والتي قد تستغل من جهات تحريضية للفتنة او من جماعات متشددة تعتمد القوة والعشوائية الغير مدروسة في ردودها .
 
وهذا ليس رأي المسلمين فقط بل نجده في اعترافات صحفيين وكُتاب من فرنسا وغيرها ، حيث يقول "الكاتب الفرنسي الشهير آلان غريتس رئيس تحرير دورية لوموند ديبلوماتيك وهي أشهر دورية سياسية في العالم تحدث عن ذلك الهجوم
فقال: "إن الإعلام سيسارع إلى اتهام الإسلام بالإرهاب كالعادة!! وأكد أن من أسباب ذلك الهجوم هو إساءة الجريدة للإسلام ورموزه وأيضا تدخل فرنسا ضد الدولة الإسلامية ( داعش ) والتدخل العسكري في إفريقيا وهذا أوجد أعداء لفرنسا، 
 
ومثله كتب توني باربر مقالا في صحيفة
 -الفايننشيال تايمز البريطانية - وهي صحيفة معروفة بمهنيتها الكبيرة قال فيه: إن الصحف التي تنشر صورا مسيئة للرسول مثل الصحف الدنمركية وصحيفة شارلي إيبدو، غبية لأنها تستفز مشاعر المسلمين وهي توجه ضربة للحرية، وقال أيضا: إن لصحيفة شارلي إيبدو سجلا حافلا بالسخرية وإغضاب المسلمين واستثارتهم. 
 
أما الكاتب الفرنسي جورج فيدو وهو ناشط يساري كتب قائلا: علينا أن نكون عادلين فإذا كنا ضد الإرهاب ولسنا ضد الإسلام فما معنى السخرية والاستهزاء من نبي الله محمد؟ ووجه خطابه لمحرري الصحيفة قائلا: هل كان النبي محمد إرهابيا؟ ثم وجه سؤالا للرئيس الفرنسي: من بدأ؟ ألسنا نحن من بدأناهم إعلاميا وعسكريا؟ نشرنا صوراً مسيئة لنبيهم وأرسلنا طائرات لقتل أبنائهم في العراق.
 
هذه الصحيفة لم تتوقف عند حد السخرية بالإسلام ونبيه على صفحاتها ولكنها أرادت أن تفعل أكثر من ذلك وفي الاتجاه نفسه، حيث أعلنت أنها ستصدر رواية الروائي الفرنسي ميشال ويليبك (استسلام) وهذه الرواية تتحدث عن مستقبل الإسلام في فرنسا، وقد تخيل الكاتب أن المسلمين سيحكمون فرنسا عام ٢٠٢٢ م وأنهم آنذاك سيحولون جامعة السوربون إلى جامعة إسلامية وسوف يجبرون الفرنسيات على لبس الحجاب كما سيبيحون تعدد الزوجات وسيدرسون القرآن في المدارس والجامعات!! وذكر أشياء أخرى هدفها ترويع الفرنسيين والأوروبيين من الإسلام والإساءة للمسلمين في أوروبا كلها!!
 
 
وبطبيعة الحال هناك آخرون عبروا عن مواقف مشابهة رأوا فيها أن الصحيفة هي التي أعطت مبررات كثيرة لأولئك الذين هجموا عليها وألقوا باللوم على الحكومة الفرنسية التي سكتت عن تلك الإساءات المتكررة لنبي المسلمين، وهذه الإساءات المتكررة هي التي جعلت بعض الكتاب المسلمين وبعض المغردين يطالبون بعدم الاعتذار عن ذلك الهجوم لأنه ردة فعل طبيعي تجاه تلك الإساءات الكبيرة التي لا يمكن تبريرها أو السكوت عنها، والسؤال المطروح هنا هل ما قامت به الجريدة شيء طبيعي لا تُلام عليه ؟ وهل ردة الفعل التي قام بها المسلحون شيء طبيعي ام هو تهور وعمل عشوائي غير مدروس ؟ في الحقيقة أن ما قام به المسلحون لا يجيزه الاسلام ابدا رغم انه ردة فعل من بعص الجهات والاشخاص  الذين من الممكن جدا استغلالهم ودعمهم من قبل جهات تبحث عن تشويه الاسلام، اما فعل الصحيفة فهو عمل غير مقبول ولا  يمكن تبريره بحجة ما او وايجاد له المبررات الكافية لتعليل طبيعته وسلامته من الجرح، فعندما تجرأت الجريدة الفرنسية برسم تخيلي تحقيري لنبي الاسلام قائم على الاستهزاء لا يدل الا على الحماقة والجهالة والتشجيع على البغض والكراهية والعدوانية، فهي لا تسيء للنبي محمد، لكنها تسيء الى المسلمين كافة في محبتهم لنبيهم، فهي كأنما تريد منهم ان يتقبلوا هذا تحت مسمى حرية التعبير فهم يعتقدون انه رجل ولد ومات وانتهى الامر لكنه في الحقيقة ان امره حي في قلوب 1.62  مليار نسمة، بكلماته وحركاته وسكونه فالمسلمين جميعا يدينون الارهاب القولي والفعلي وخصوصا الذي وقع في باريس، 
 
لكن ان يكون الشجب برفع شعار (انا شارلي) اشارة لاسم الجريدة فهذا غير منطقي البته لان المسلمين يعتبرون هذه الراية هي راية استسلام وقتل لحضاراتهم التي عرفها العالم في العصر الذهبي ما قبل ثورة أوربا الصناعية والعلمية، كيف ولا وهم رأوا كيف ان صلاح الدين حين فتح القدس لم يقتل مدنيًا واحدا ولا حتى اسير وكذلك حين قاضا علي ابن ابي طالب ذاك اليهودي رغم انه كان مواطن يعيش تحت راية خلافة امير المؤمنين علي ونصرة عمر بن الخطاب للقبطي الذي صفعة احد امراء المسلمين فاحضر عمر الرجل امام القبطي وقال للقبطي اضربه كما ضربك وفي خلافة عمر بن عبد العزيز حصل ان دخلت جيوش المسلمين سمر قند دون ان تبلغهم في طلب دخول الاسلام او الجزية او القتال كما هو معتاد من جيوش المسلمين آن ذاك فامر عمر بتنصيب قاضي يقضي بالحق بين امير الجيش واهل سمرقند وبعد سماع حجة اهل سمرقند قضى لهم قاضي المسلمين وامر بان يخرج الجيش فورا من المدينة دون قيد او شرط فكان هذا العدل سببا في هداية المدينة ودخول جميع اهلها في دين الاسلام فمن علمهم هذا اليس هو الرسول العربي محمد ، إنهم يدعون الملحدين والمخطئين لقراءة سيرة هذا النبي صاحب الخلق والرحمة كما وصفه ربه فقال له ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وقال هو عن نفسه "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق " إنهم يدعمون هذا النبي حين يشتمونه او يستهزؤون به، بسبب محاولة معرفة لماذا هذا الكره على محمد من دون الانبياء، وحتى المراهقين سيفتحون الكتب ويتصفحون المواقع على النت فيجدون محمدا عكس ما شيع عنه من ذلك سيعرفون عنه حين فتح مكة  صفح عن اشد أعدائه، وسيعرفون ان المسيح لم يصلب وبأنه سيعود وينشر العدل الذي دعا له محمد او انهم على الاقل سيعرفون بأن العرب كانوا يقتلون البنات في المهد وجاء محمد ليمنع ذلك ويمنع الربى والزنى والخمر فجميعها خطيرة على المجتمع ولابد من معرفة ان محمد جاء بالتبشير للدين الصحيح والدفاع عن حرية الاديان (لكم دينكم ولي دين) فقبل ان تأتي الحروب الصليبية والاستعمار عاش مع  المجتمع المسلم النصارى واليهود والصابئة في وطن واحد .
 
أما الصهاينة فيوميا يقتلون الفلسطينيين ويهدمون بيوتهم وما من نصير ولا أحد يحتج عليهم ويشجب أفعالهم العدوانية، نعم هكذا دائماً وللأسف فالحرية تختفي تماماً عندما يُنتقد الصهاينة، ولا تبرز إلا عند الإساءة للإسلام ونبي المُسلمين محمد ص ونحن كمسلمين ننقد ونرفض  بشدة قيام افراد اسلاميين في أي اعتداء عشوائي غير مدروس وبالمثل نحتاج الى منع اي فعل من غير المسلمين يساهم في تأجيج روح الانتقامات العشوائية الغير مدروسة .    

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي شيروان رعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/26



كتابة تعليق لموضوع : هجوم شارلي أيبدو قراءة بأعين المنصفين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net